بليغ حمدي
بليغ حمدي
-A +A
«عكاظ» (جدة) OKAZ_online@
اكتنفت البوهيمية حياة المبدع الراحل بليغ حمدي إلى حدٍ زهد معه بالثراء الذي كان له أن يجنيه من إبداعه الباذخ، لولا انغماسه في رؤاه الفنية الأنيقة التي تمخضت عنها أعظم الألحان الموسيقية لأعظم أصوات الغناء العربي، حيث دأب على التجديد في صلب الهوية الفنية الموسيقية العربية، والجنوح بها إلى آفاق أوسع في زمن بالغ التعقيد الموسيقي، لصعوبة إقناع الذائقة الجماهيرية -آنذاك- بالسماح لكائنٍ كان بالتمرد على النمط الذي اعتادته والنسق الذي ألفته، لا سيما عندما يتعلق الأمر بصوت كوكب الشرق التي كانت أول مجده الموسيقي ومنتهى قمته وروح تاريخه الفني.

وفي ذكرى مرور 29 عاماً على رحيله، تعود الذاكرة إلى سيرته الفنية الأولى، إذ يجير للفنان محمد فوزي المغني والملحن والسينمائي الشهير، فضل تقديم بليغ حمدي للساحة الفنية، حينما عرفه على أم كلثوم وقدمه إليها، في وقت كانت السيدة تمر بحالة من الشعور بالرتابة في لونها الموسيقي، وكانت أمام رغبة التحرر من ألحان رياض السنباطي التي انغمست فيها لسنوات طويلة، حيث اصطحبه فوزي إلى أمسية خاصة كانت فيها أم كلثوم على رأس المدعوين، وأكد لها أنه ملحن رائع وطلب منه أن يغني لها من ألحانه، فغنى «حب إيه»، ثم فوجئ بأم كلثوم تجلس على الأرض إلى جواره وسط ذهول الجميع، وطلبت منه أن يزورها في اليوم التالي، وعندما ذهب إليها طلبت أن تسمع الأغنية كاملة. ليشاء الله وتغني أم كلثوم أغنية «حب إيه» في ديسمبر 1960 وتحقق نجاحاً ساحقاً، ليقدم معها أكثر من 11 عملاً رائعاً منحته مساحة طاغية من النجاح.